سورة الفرقان
  جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ٣٣ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا ٣٤ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ
  (٣٢ - ٣٣) {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ} أي محمد {الْقُرْآَنُ} وهذا استهزاء منهم؛ لأنهم لم يؤمنوا بنزوله عليه مفرقاً، وأرادوا أنه إن كان من الله فهلا نزل {جُمْلَةً وَاحِدَةً} غير مفرق أجاب الله تعالى عليهم بقوله: {كَذَلِكَ} أي على الوجه الذي ينزل عليك أي مفرقاً مع تفرق الأسباب ننزله عليك {لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} وثبات القلب ثباته على الحق واطمئنانه به، فهو يثبت بتجدد الوحي عند كل سبب ويرسخ فيه ما نزل لفظاً ومعنى لوجوده عند الحاجة إليه فيطمئن به القلب أكثر.
  {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} قال الشرفي في (المصابيح): «وأصل الترتيل في الأسنان وهو تباعدها، فمعنى الترتيل في الكلام: أن يأتي بعضه على إثر بعض على تؤدة وتمهّل» انتهى، فنبه الله على ما هو الأهم من تنزيله جملة وهو نزوله على ما تدعو إليه الأسباب، ومفرقاً يتجدد بنزوله تعَهُّد الرسول ÷ بالوحي متعدداً مكرراً. ثانياً أنه مرتل مفصل يسهل فهمه على السامعين ترتيلاً كاملاً وذلك بنزوله مرتلاً وأمر الرسول ÷ بترتيله فكملت به الحجة البالغة.
  {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} {بِمَثَلٍ} كلام يحتجون به، كقوله تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}[يس: ٧٨] وهذا تأنيس للرسول ÷ لئلا يهمه جدالهم بالباطل،