التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الشعراء

صفحة 253 - الجزء 5

  وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ٥٩ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ ٦٠ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ٦١ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ٦٢


  قال الراغب: «الشرذمة جماعة منقطعة، قال: شرذمة قليلون، وهو من قولهم: ثوب شراذِم أي مقطع» انتهى. وفي (تفسير الإمام زيد بن علي @): «معناه: طوائف وجماعات والشرذمة كل بَقيّة قليلة» انتهى.

  وعلى هذا: فقد أمر الحاشرين أن يقللوا موسى ومن معه بقولهم: (شرذمة) وبقولهم: {قَلِيلُونَ} فهو تقليل للقليل ليشجعوهم على قتالهم كما يشجعونهم بمدح فرعون وقومه بأنهم مجتمعون متحدون فهم أقوياء بذلك، وبأنهم حذرون فالدافع لهم على القتال قوي فهم لا بد بزعمهم أن يغلبوا موسى ومن معه.

  (٥٧ - ٥٩) {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ۝ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ۝ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} فأخرجنا فكان همهم بموسى ومن معه ليقتلوهم أو يأسروهم كان ذلك هو وجدالهم في آيات الله سبباً لإخراج فرعون وقومه من دنياهم إلى الغرق، كما قال تعالى: {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ}⁣[غافر: ٥].

  وقوله تعالى: {مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} أي عيون ماء فجناتهم خضراء وقوله تعالى: {وَكُنُوزٍ} أي من الذهب أو الفضة أو منهما أو منهما ومن غيرهما أي أموال مجموعة محفوظة معدّة لوقت حاجتها.

  وقوله تعالى: {وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} ومقام محل قيامهم بشؤون عيشهم كريم بما فيه من القصور المشيدة، ولعلهم كانوا يملكون الخيل ونحوها مما هو تكريم للإنسان يبتليه الله به.