سورة الشعراء
  هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ٥٤ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ ٥٥ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ ٥٦ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ٥٧ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ٥٨ كَذَلِكَ
  {لَا ضَيرَ} نفي الضير أي نفي الضر هنا، ليدل على أن وعيد فرعون لا يردهم عن الإيمان لأنهم منقلبون أي راجعون إلى ربهم وحده ليدخلهم الجنة وينقذهم من النار، فالقتل المؤدي إلى ذلك لا بأس به، والتعذيب المؤدي إلى النجاة من عذاب الله لا بأس به لأنه ينتهي، ويؤدي إلى السعادة الدائمة بسبب الصبر عليه والثبات على الإيمان، {إِنَّا نَطْمَعُ} نحب {أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا} الماضية؛ لأن {كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} فلذلك لا ضير علينا فيما أصابنا منك، هذا وأنا أرى أن الله أنجاهم مع بني إسرائيل، أو أنهم كانوا من بني إسرائيل، وما ذكره الله عن أجوبة فرعون ورجوعه إلى الوعيد يدل على عجزه وأنه لا يزال يجادل، ولا حد لجداله إلا نزول العذاب به وبمن معه.
  (٥٢) {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ} {أَسْرِ بِعِبَادِي} أي بالمؤمنين معك، كما قال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ}[الفرقان: ٦٣] وهذا يعم السحرة، فلا يصح ما يروى أن فرعون فعل بهم ما أوعدهم به {إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ} سيتبعكم فرعون وقومه ليقتلوكم أو يأسروكم ويعذبوكم، فانج بمن معك من المؤمنين.
  (٥٣ - ٥٦) {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} {حَاشِرِينَ} يحشرون قومه إليه ليهجم بهم على موسى ومن معه {وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ} قد غاظونا بما طلبوا منا، وبهزيمتهم لنا بالحجة {وَإِنَّا} أي فرعون وقومه {لَجَمِيعٌ} مجتمعون {حَاذِرُونَ} من عواقب ترك موسى ومن معه أن يقوى أمرهم ويتبعهم الناس، ويغلبونا بالقوة في الأخير.