سورة النمل
  ٣ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ ٤ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ ٥ وَإِنَّكَ
  هذا ويصح أن يكون {مُبِينٍ} من أبان الشيءَ بمعنى بيَّنَه، ولكنه مجاز هنا؛ لأن فاعل البيان هو الله تعالى، قال تعالى: {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ ..}[آل عمران: ١١٨] وفي عدول قوله تعالى: {وَكِتَابٍ} عن التعريف بـ (أل) إلى تركها تعظيم للقرآن، ودلالة على أنه أنفع وأهدى ما يقرأ أو نحو هذا المعنى.
  (٢) {هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} {هُدًى} بيان لطرق الحق والنجاة، قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ ..}[المائدة: ١٥ - ١٦] فأما تفسير {هُدًى} بأنه يهدي فهو عدول عن الحقيقة إلى المجاز، ولكنه صحيح بمعنى أنه مصدر في معنى (اسم الفاعل) وقد قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}.
  وقوله تعالى: {وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} كله بشرى لهم بمعنى أنهم يفرحون به، قال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}[التوبة: ١٢٤] أو بشراً بمعنى مبشراً لهم بالجنة وغيرها، قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}[الإسراء: ٩] وهذا من المجاز من حيث نسبت البشرى إلى جملته وهي في بعضه.
  قال الراغب: «ويقال للخبر السارِّ: البشارة، والبشرى» انتهى.
  (٣) {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} هذه صفة المؤمنين تحقق أن مَن ليس كذلك فلا يستحق اسم الإيمان كما تفيدها نظائرها من صفات المؤمنين؛ وهذه لأن المؤمن الصادق الإيمان