التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النمل

صفحة 354 - الجزء 5

  مُدْبِرِينَ ٨٠ وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ ٨١ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً


  وقوله تعالى: {بِحُكْمِهِ} اما حكمه على المبطل بأنه مبطل لا عذر له وأنه مستحق للعقاب وحكمه للمحق بأنه اتبع الحق واستحق الثواب، وإما بحكمه الذي هو الجزاء بما يستحقون {وَهُوَ الْعَزِيزُ} فلعزته يجزي أعداءه بالعذاب العظيم {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} العليم بما قدموا في الدنيا من الجرائم وبكل شيء فيجزيهم الجزاء الأوفى.

  (٧٩) {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} توكل على الله في قيامك بما يجب عليك من تبليغ الرسالة في حال تكذيب المكذبين وعناد المعاندين وعداوة المعادين {إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} وأعداؤك على الباطل فَكِلْ أمرك إلى الله واثبت على ما أنت عليه، فمن حق المحق أن يثبت على أمره وأن لا يبالي بمن خالفه، ومن حق المؤمن وبالخصوص الرسول ÷ أن يكل أمره إلى الله فيما كلف به فيطيعه مفوضاً أمره إلى الله إن شاء نصره وقهر أعداءه وإن شاء ابتلاه بالكفاح بينه وبينهم وإن شاء رزقه الشهادة، فهذا معنى التوكل على الله، وفائدته الثبات على طاعة الله، وأن لا يصرفه عنها تجويز قهر الأعداء واحتمال أن يقتلوه وفي ذلك أجر عظيم، والتوكل واجب على الرسول ÷ وعلى كل مؤمن.

  (٨٠) {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} {لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} تشبيه للمكذبين بالموتى، وهذا فيمن خذل واستولى عليه الشيطان فهو كالفاقد للحياة الذي لا يسمع من دعاه؛ لأن قلبه قد فقد الصلاحية لقبول الإنذار أو قبول النصح أو قبول الحق، فهو لا يتأثر بإنذار ولا بحجة واضحة كأنه ميت.