التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة القصص

صفحة 411 - الجزء 5

  يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ ٦٩ وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٧٠ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ


  (٦٩) {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ} {وَرَبُّكَ} يا رسول الله {يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ} صدور المشركين هؤلاء المكذبين، أي ما تخفيه أي ما يضمرونه كله من عقيدة باطلة أو نية منكرة أو غير ذلك {وَمَا يُعْلِنُونَ} ما يظهرونه من قول أو فعل، فكل أمرهم إليه، فهو المجازي لهم وتوكل عليه فهو ناصرك عليهم ولا يضرك ما أضمروا ولا ما قالوا فيك، ومن ذلك قولهم: {أَؤُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا}⁣[ص: ٨] ونحو هذا.

  (٧٠) {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} وربك هو {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} لأنه رب العالمين {لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى} وهو مستحق الحمد في النشأة الأولى بما أنعم على عباده من كل النعم وأعظمها الهدى إلى الصراط المستقيم الموصل إلى السعادة الدائمة، وهو بإرسال الرسل وإنزال الكتب، وغير ذلك من أسباب الهدى {وَالْآَخِرَةِ} أي وفي الآخرة فهو المستحق للحمد في الآخرة كما دل عليه آخر سورة الزمر، فهو المحمود على حكمه في عباده بما هو الحق والعدل والرحمة لأوليائه والفضل، وسوف يتجلى في الآخرة أن له الحمد على حسن قضائه وحكمه بين عباده وجزائه لكل مكلف بما استحق من ثواب أو عقاب.

  {وَلَهُ الْحُكْمُ} وحده؛ لأنه المالك للعالمين فالحكم له ليس لغيره شيء من الحكم؛ لأن العبد لا يستحق الحكم في ملك سيده؛ ولذلك فليس للمشركين أن يحكموا لأصنامهم بأنها آلهة بل الحق حكم الله أنها ليست آلهة بل هي مملوكة لله ولمن ملكه الله.