التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة القصص

صفحة 412 - الجزء 5

  جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ ٧١ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ


  {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} يوم القيامة أنت يا رسول الله وهؤلاء المشركين وكل العالمين ترجعون إليه؛ ليحكم بينكم ويحاسبكم ويحكم لكل مكلف أو عليه بما يستحق، فلا معقب لحكمه ولا معارض لقضائه ولا دافع لأمره ولا ناصر لمن قضى عليه؛ لأن الأمر يومئذ لله وحده {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}⁣[مريم: ٩٣].

  (٧١) {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ} قال في (الصحاح): «السرمد: الدائم» انتهى، قال الشرفي في (المصابيح): «فقال تعالى لرسوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ} أي أخبروني {إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} أي دائماً متصلاً إلى آخر الدهر، والسرمد: الذي لا ينقطع» انتهى.

  قلت: يعني لا يتخلله انقطاع بل يستمر دائماً وإن كان لدوامه حد كما في الآية، وقوله تعالى: {مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ} أي خبروني: {مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ}؟ وهذا احتجاج على المشركين يبين لهم عجز من زعموا أنهم آلهة عن إصلاح حال عابديهم ونفعهم عند اضطرارهم، فهم يعلمون أنهم عاجزون عن ذلك فلِمَ يدّعون لهم ما ليس إلا لله فيزعمون أنهم آلهة شركاء في ملكهم بدون حجة وهم يعلمون عجزهم عن الخلق، وهذا احتجاج يكفيهم إن كانوا يسمعون؛ ولذلك قال تعالى: {أَفَلا تَسْمَعُونَ}؟ فإنه يكفيهم أن يسمعوا هذه الحجة إن أنصفوا.