التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الروم

صفحة 506 - الجزء 5

  هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ٤٠ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ


  ولا يخفى أن قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا} هي في أخذ الربا وهذه الآية هي في إيتاء الربا ليربوا في أموال الناس، وقوله تعالى: {لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ} تشويه لإيتاء الربا في مقابلة الزكاة لأنها لسد خلة المسكين وإيتاء الربا ليزيد في أموال الناس، وهو غرض ضعيف أن تتلف مالك ليزيد مال غيرك ويكثر.

  وقوله تعالى: {وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ} أي صدقة {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} فأولئك أهل هذه الصفة هم المضعفون الذين ينالون أضعاف ما أعطوا فالإشارة هنا للتعظيم فأما الإلتفات من الخطاب إلى الغيبة فلعل السر فيه أن المخاطبين ليسوا أهل ذلك بل غيرهم، ونظيره تحويل الكلام من الخطاب إلى الغيبة في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ}⁣[يونس: ٢٢] لأنه صار الكلام في فريق من المخاطبين هم المشركون ولكن الآية التي نحن فيها خلافها من حيث أن أول الكلام خطاب للمشركين وغيرهم، وتحول في فريق من المؤمنين يريدون وجه الله.

  (٤٠) {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} احتجاج على المشركين عظيم يدل على أن الله هو المالك للخلق لا شريك له فيهم، وهو المتصرف فيهم كيف يشاء دون شركاء المشركين فهي لا تخلق ولا ترزق ولا تميت ولا تحيي، سبحان الله وتعالى تنزيه لله عن أن تكون شركاؤهم أنداداً له يقرن بها وتقرن به، وهي عاجزة لا تملك شيئاً ولا تقدر على شيء وتعالى عنها علواً كبيراً فإن إثباتها مجرد خرافة من خرافات الجاهلية يتعالى عنها الله الخالق الرازق المحيي المميت الذي يعيد الخلق ويجزي كل نفس بما تسعى.