التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الروم

صفحة 512 - الجزء 5

  الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ٤٨ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ


  (٤٨) {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ} وما بعده يفعله إلى إنزال المطر الله الفاعل لذلك وحده لا شريك له فعليكم أن تعبدوه وتعرفوا قدرته على كل شيء وتشكروا نعمته.

  وقوله تعالى: {فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ} أي فيبسط السحاب في الجو {كَيْفَ يَشَاءُ} فقد يكون كثيراً وقد يكون قليلاً.

  وقوله تعالى: {وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا} قال الشرفي: «أي وتارة يجعله قطعاً». انتهى. وقال غيره: «{وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا} بتجميعه وتكثيفه» انتهى، يعني ليس مبسوطاً رقيقاً بل هو عبارة عن قطع كثيفة مجموعة ومثل هذا قول آخر: «يجعله قطعات متراكبة متراكمة» انتهى. وهذا لأن أصل السحاب رقيق فإذا كثر وتزاحم صار كأنه قطع إسفنج مركومة وقد رأيته في (الطائرة) وهو تحتها كأنه ركام من القطن. والله أعلم.

  وقد أفاد هذا القرآن في قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ}⁣[الطور: ٤٤] فأفاد أن السحاب المركوم كسف مركومة ولذلك يشبهون بها الكسف من السماء، بل يدعون أنه هي إن يروه ساقطاً، وقوله تعالى: {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} أي المطر يخرج من بين السحاب، فهذه آية تدل على قدرة الله وعلمه وفضله على عباده.