سورة الروم
  يَعْلَمُونَ ٥٩ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ٦٠
  وقال تعالى في تسمية الحجة مثلاً: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً}[الإسراء: ٨٨ - ٨٩] وقال تعالى في الموعظة: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[الحشر: ٢١].
  فقوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} بمعنى من كل حجة، وكل موعظة، ولذلك عقبه بقوله تعالى: {وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ} فالهدى في القرآن بما فيه من الحجج والمواعظ يكفي عن الآيات التي يقترحها الكافرون وعن المزيد من الآيات على ما قد جاء فيه {وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ} أي هؤلاء المكذبين لئن جئتهم {بِآَيَةٍ} زائدة عما قد جاء في القرآن أو كما يقترحون {لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} وكذبوا بهذا القرآن {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ} أي لا تنفع عندهم الآيات ولو جئتهم بأي آية لاستمروا على كفرهم فقالوا بالحصر والقصر إن أنتم إلا مبطلون، لستم بمحقين في شيء مما أنتم عليه، وذلك لأنهم يقولون ما شاءوا لا يحجزهم إيمان ولا دين.
  (٥٩) {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} كما أنهم لا يؤمنون بل يبالغون في التكذيب إن جئتهم بآية لأنهم قد طبع على قلوبهم بسبب عنادهم واعتمادهم على هوى أنفسهم وظنهم وإعراضهم عن قبول الحق الواضح كذلك يطبع الله على قلوبهم وقلوب أمثالهم حتى أنهم لا يؤمنون، ولو جئتهم بكل آية وذلك لأنهم لا يريدون إلا ما تهواه أنفسهم فاستحقوا الخذلان وإرسال الشياطين عليهم فما بقي في إيمانهم مطمع لك يا رسول الله.