سورة لقمان
  
  حتى أنه يعلم متى الساعة أي القيامة، وهو الذي أعلم الناس أنها ستكون، وأعلمهم ما يكون فيها من الحساب والثواب، فعلمها شامل لكل شيء من أمرها عنده تعالى.
  {وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} وذلك يدل على علمه بكل دقيق، لأن الغيث ينزل بقدر لا يسرع حتى يضر ولا يتفرق حتى تبطل الإغاثة به، وكذلك ينزل كأنه من غربال وكذلك يكون عذباً صالحاً للشرب وسقي المراتع والحرث، فصانع قطراته ومدبر إنزالها للإغاثة عليم بكل خفي وكل صغير وكبير.
  {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ}[فصلت: ٤٧] وعلمه بما في الأرحام شامل له ولكل أوصافه قال الشرفي: «{وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} أذكر أم أنثى ناقص أم تام أمعمر أم لا أشقي أم سعيد» انتهى.
  {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} لأنه مستقبل ومحاط بقدرة الله وتدبيره لأموره فلو عزم على شيء فإنه لا يعلم العبد أيفعله أم لا، ولذلك يقول القائل: إن شاء الله وشرع لنا ذلك فلا يعلم الغيب مخلوق إنما الغيب لله {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} لأن هذا غيب لا يعلمه إلا الله علام الغيوب.
  {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ} فلا يخفى عليه شيء من أعمالكم وأسراركم ولا من غير ذلك {خَبِيرٌ} يعلم خُبر كل شيء، وما بطن من أمره قال تعالى حاكياً: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا}[الكهف: ٦٨] فعلينا أن نراقب الله تعالى في كل تصرف وفي كل فعل لا نعلم أحق هو أم باطل، وفي كل ترك كذلك كما قال أمير المؤمنين #: «وامسك عن طريق إذا خفت ضلالته» وقال #: «من التوفيق الوقوف عند الحيرة» وبالله التوفيق.
  ¿ تحرير ما تيسر من تفسير (سورة لقمان)
  والحمد لله على كل حال