التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة السجدة

صفحة 38 - الجزء 6

  سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ٤ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي


  افتراه مع أنه الحق المبين، بل هو {الْحَقُّ} أي بل القرآن {هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} الذي أنزله عليك يا محمد {لِتُنْذِرَ قَوْمًا} أم القرى ومن حولها {مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ} ينذرهم عذاب الآخرة فهم في أشد الحاجة إلى هذا القرآن لينقذهم من النار لتنذرهم {لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} من ضلال مبين هم فيه، أما (لعل) فيمكن أنها راجعة إلى قوله: {لِتُنْذِرَ} أي راجياً أن يهتدوا.

  (٤) {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} ليس شركاؤهم فعلوا شيئاً من الخلق ولا من تدبير أمر العالم ومن فيه بل {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا} من النيرات أو من النيرات وغيرها {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} أي في مقدار ستة أيام يبين سرعة خلقه لذلك ليبين قدرته وأنه لا ند له، وذلك يبطل قول من زعم أنها أيام من أيام الله بزعمه وأن أيام الله كل يوم منه مقداره ألف سنة، أو نحو هذا الكلام.

  وهذا خلاف ما تفهمه العرب من قوله تعالى: {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} ولا نسلم أن ما ذكره هو معنى قوله تعالى: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} وقوله تعالى في هذه السورة {ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} كما يأتي بيانه إن شاء الله.

  وقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} بمعنى: ثم دبر أمر الخلق أو ثم تولى تدبير أمر ما خلق أو ثم أمر بما شاء أو نحو هذا مما هو شأن الملك وولاية التصرف، لأنه لما خلق كان إليه الأمر، لأنه له الخلق والأمر، كما قال تعالى في (سورة الأعراف) {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ..} إلى قوله تعالى: {.. أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}⁣[آية ٥٤].