التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة يس

صفحة 188 - الجزء 6

  فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ٨ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ٩ وَسَوَاءٌ


  المشركين نذير، لأن هؤلاء أحوج من آبائهم الأولين الذين ابتدعوا الشرك؛ لأنهم ورثوا الشرك من آبائهم، كما قال تعالى: {لِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا}⁣[الأنعام: ٩٢] فهو يبين أنهم أحوج إلى النذير، ولا ينافي قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلاَ فِيهَا نَذِيرٌ}⁣[فاطر: ٢٤] لأن الأمة ليست عبارة عن القرن الواحد.

  ألا ترى أن أمة محمد ÷ كفاها نذير واحد وهو رسول الله ÷ {فَهُمْ غَافِلُونَ} في أشد الحاجة إلى النذير واقتضت الحكمة إنذارهم لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.

  (٧) {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ} هذا في المتمردين الذين استحقوا الخذلان وصاروا في بعد عن الإيمان بسبب تمردهم وعنادهم {فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} لبعدهم عن الإيمان بسبب عنادهم وإعراضهم عن النظر وتمردهم فكان من الضروري إقامة الحجة عليهم بإرسال الرسول ÷ وإنقاذ الآخرين الذين ليسوا مثلهم.

  (٨) {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} الأغلال: جمع غُل وهو القيد، وقوله تعالى: {فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ} أي الأغلال عريضة تبلغ الأذقان أو متعددة تملأ العنق وترفع الذقن إلى فوق {فَهُمْ مُقْمَحُونَ} أي مستمرون في رفع الأذقان إلى جهة فوق، والراجح في هذا: أنه تمثيل، كأنه قد جعل بينهم وبين الإيمان حواجز كمن كان في عنقه غل أو أغلال تمنعه عن النظر إلى الطريق عند رجليه، هذا من الموانع والمانع الثاني قوله تعالى: