سورة يس
  عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ١٠ إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ١١ إِنَّا
  (٩) {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} لأن السد حايل بينهم وبين الرؤية لما أمامهم وما خلفهم وقوله: {فَأَغْشَيْنَاهُمْ} أغشيناهم: جعلنا عليهم غشاء من فوقهم، وكل هذا مجاز عن خذلانهم وبعدهم عن طريق الحق فهو من المتشابه، كقوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ}[البقرة: ٧].
  وحكى الشرفي في (المصابيح): عن الهادي # أنه قدر في الآية همزة الإنكار، وقال: إن المعنى: أإنا جعلنا في أعناقهم، إنكار لما زعموا من قولهم.
  وحكى الشرفي عن الحسين بن القاسم أنه قال: «أن معناه: أنا سنجعل في أعناقهم أغلالاً، كما قال ø حاكياً: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}[الزخرف: ٧٧] وهم لم يقولوا ذلك بعد وإنما أراد سيقولون: يا مالك» انتهى [المصابيح ج ٤ ص ٩٧].
  والمقصود: أن قلوبهم لا تهتدي إلى الإيمان، كما قال تعالى: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}[الحج: ٤٦].
  (١٠) {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} إن العاقل المستعمل لعقله إذا سمع النذير خاف أن يكون صادقاً فحمله ذلك على النظر في صدقه فيما يكون معه من الآيات فأداه ذلك إلى الإيمان، أما هؤلاء المخذولون فإنهم لا يخافون أو لو خافوا لم يزالوا معرضين يمنعهم الكبر والحسد فكان الإنذار وعدمه سواء عندهم.