التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الزمر

صفحة 283 - الجزء 6

  رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ٢٣ أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ٢٤ كَذَّبَ


  {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} الذين إذا ذكر لم تخف ولم تخشع لأنها لا تتأثر من ذكر الله فهم بخلاف هؤلاء الذين شرح الله صدورهم للإسلام {أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} لأن مقتضى استعمال العقول والهدى أنه إذا عرف الله أنه يخاف منه لكن هؤلاء ما عرفوا الله ولا ذكروه حتى يذكروا عظمته وقدرته لغفلتهم وقسوة قلوبهم فهم في ضياع.

  (٢٣) {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} الله سبحانه هو نزل القرآن هذا على هذه الصفة {أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} لأن فيه الهدى والنور وكتاب مبارك وأوصاف كلها جميلة جدا فهو أحسن الحديث {كِتَابًا} جعله كتابا لأجل تتوارثه الأجيال {مُتَشَابِهًا} في جماله وصدقه وإتقانه {مَثَانِيَ} يتكرر فيه المواعظ ويتكرر فيه القصص لأجل ترسخ في القلوب {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} لما فيه من المواعظ العظيمة النافعة المفيدة بحيث أن الذين يخشون الله تقشعر جلودهم من بعض المواعظ فيه {ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} بسبب تأثرها من المواعظ فيه تلين: ترغب إلى ذكر الله {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ} المهتدون هم الذين يتأثرون بالقرآن وتلين قلوبهم وجلودهم من ذكر الله {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ} حين لا يهديه الله {فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} لا أحد يهديه لأن الهدى من الله سبحانه.

  (٢٤) {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الذي قد ضل عن سبيل الله وصار إلى جهنم ويداه مغلولتان لا يجد ما يتقي العذاب به إلا بوجهه ليس معه ما يتقي به سواه.