التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الزمر

صفحة 282 - الجزء 6

  فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٢٢ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ


  وهذه آية من آيات الله حين صرّفه كذلك حتى لا يضيع بين طبقات الأرض وتشربه ويتبدد، بل جعل له مجاري مثل العروق في الجسد قنوات في بطن الأرض، ثم تظهر بشكل ينابيع لأجل منفعة الناس {ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} بعد ما يتكون ينابيع يظهره في الأرض فيخرج به زرعا مختلفا ألوانه هذا من دلائل قدرته لأنه يجعله مختلف الألوان لأنه فاعل مختار يفعل الشيء كيفما أراد وليس علة ولا طبيعة لأن الطبيعة تكون بطريقة واحدة لا تختلف وليس لها إرادة.

  {ثُمَّ يَهِيجُ} هم يفسرون {يَهِيجُ} بمعنى (ييبس) ولا أراه كذلك، بل كأنه يهيج يعني يتم صلاحه وينعقد ويحين وقت حصاده {فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا} حين بلغ الغاية المقصودة منه وهو حصول الثمر المطلوب فيه، فلم يمكث مثل ما كان قبل في نمو وخضرة؛ لأنه قد طاب وحان وقت صرمه، وهذا هو الموافق لكلام الراغب الأصفهاني في (مفرداته) حيث قال: «يقال: هاج البقل يهيج: اصفر وطاب، قال ø: {ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا}» اهـ.

  يعني: أنه يعرف أنه قد أحصد حين يرونه قد اصفر لا من عطش {ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا} محطماً {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} لأولي العقول.

  (٢٢) {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ} شرح الله صدره وسعه {لِلإِسْلامِ} يكون راغباً فيه ومحباً له يسلم نفسه لله {فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} النور هو الهداية؛ لأنه قال: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ}⁣[الأنعام: ١٢٥].