سورة غافر
  الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ٨٢ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ٨٣ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ٨٤ فَلَمْ
  (٨٢) {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} لو اعتبروا بمن قبلهم لأنهم قد ساروا وسافروا ورأوا بعض آثار الأمم الأولى الذين كذبوا رسلهم فأهلكم الله فلو اعتبروا بهم فهم عبرة لهم {كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} كانوا أكثر من هؤلاء وأشد قوة من قريش ومَن حولهم فما دفع عنهم ذلك عذاب الله مثل قوم عاد الذين قالوا: من أشد منا قوة فما نفعتهم قوتهم ما أغنى عنهم ما جمعوا من المال ومن الدنيا هلكوا وتركوها.
  (٨٣) {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} كانوا يرون أنهم أذكياء ومثقفون فهم قادرون على الجدال والمعارضة للرسل حين جاءتهم رسلهم بالبينات وكان الأحرى بهم أن ينتهزوا الفرصة لمعرفة الحق ويقتبسوا منهم المعرفة والهدى لأن الرسل قد جاءتهم بما ينجيهم من النار بما يبلغهم السعادة الدائمة، ولكن لسوء تدبيرهم انبروا يعارضون ويجادلون لاغترارهم بما عندهم من العلم {وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} سبب لهم سخريتهم بالآيات والرسل العذاب العاجل فأحاط بهم هلكوا ولم يجدوا لهم ناصراً ولا معيناً.
  (٨٤) {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} لمّا رأوا العذاب {قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} مثل فرعون حين قال - والأمواج تتقاذفه -: {آمَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ}[يونس: ٩٠] {وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ} قالوها الآن لأنهم مضطرون ملجئون.