التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة فصلت

صفحة 342 - الجزء 6

  فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ٢٤ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ ٢٥ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ٢٦ فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا


  (٢٤) {فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} ليس صبراً على أمر سهل بل هو صبر على النار فهو سواء الصبر وعدمه، لأن النار قد صارت {مَثْوًى لَهُمْ} مقراً لهم {وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا} وإن يطلبوا من الله أن يجعل لهم التوبة ويقبل منهم التوبة {فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} قال الشرفي في المصابيح: {وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا} ببنائه للفاعل يطلبون أن يُرضُوا ربهم فَيرضَى عنهم ويقبل العتبى وهي الرجوع لهم إلى ما يحبون {فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} اسم مفعول، أي لم يعطوا العتبى ولم يجابوا إليها.

  (٢٥) {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ} في الدنيا خذلاناً لهم وزيادة في العقوبة لهم على إجرامهم يسلط عليهم قرناء من الشياطين شياطين الإنس والجن {فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} زينوا لهم معاصيهم المستقبلة ومعاصيهم الماضية حسّنوها وزينوها لهم حتى لا يرجعوا عنها ولا يتوبوا {وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} كلمة العذاب {فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} من جملة من مضى قبلهم من الجن والإنس الذين حقت عليهم كلمة العذاب {إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ} استحقوا أن تشملهم كلمة العذاب.

  (٢٦) {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} هذا من شدة عنادهم قال بعضهم لبعض {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ} يريدون أن لا يقع في قلوبهم فيتأثروا به {وَالْغَوْا فِيهِ} قولوا فيه الكلام اللغو يعني أي كلام المهم أن تجادلوا فيه {لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} حين لا تسمعون له مع زيادة اللغو فيه تقولون ما هو إلا أساطير الأولين ونحو ذلك.