التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة فصلت

صفحة 352 - الجزء 6

  الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ٥٣ أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ٥٤


  هذا تنبيه لهم يحثهم لينظروا {مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} الكفر بعد ما تبين أن القرآن من الله و {ثُمَّ} للترقي لا للترتيب والمهلة في قوله: {ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ} مثل قوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا}⁣[السجدة: ٢٢] يعني بعد ما تبين أنها من الله أعرض عنها هذه حالة بعيدة وغريبة ما كان يتصور ولا يليق أن تقع.

  (٥٣) {سَنُرِيهِمْ} هؤلاء الكفار {آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ} آيات في الآفاق وآيات في أنفسهم قد تكون مصائب تحصل لهم بسبب كفرهم بالله وآياته {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} أي هذا الإنذار وهذا القرآن، فتكون تلك الآيات في الآفاق وفي الأنفس مؤديةً إلى الإيمان بأنه الحق {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} وهو عالم بما يقولون وعالم بأنك قد أنذرتهم وبذلت الجهد في محاولة هدايتهم وعالم بما قد وقع منكم كلكم فهو شهيد على كل شيء سيثيبك على عنايتك وإبلاغك للرسالة، ويعاقبهم على تكذيبهم وإصرارهم على الكفر.

  (٥٤) {أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ} في شك {مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ} لأنهم لمّا لم يعرفوا أنهم سيلاقونه لم يراقبوه، ولا استعدوا للقائه، بل كذبوا بالرسل ولم يبالوا وعندهم أنها قضية بسيطة؛ لعدم إيمانهم بأنهم سيرجعون إلى الله يوم القيامة {أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ} محيط بأعمالهم وأقوالهم ومحيط بهم، ومحيط بكل شيء، لا يفوته شيء ولا ينسى شيئاً؛ لأنه العليم الخبير سبحانه وتعالى.