التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة فصلت

صفحة 351 - الجزء 6

  بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ٥٠ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ ٥١ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ٥٢ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي


  (٥٠) {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} هذا بالنسبة إلى بعض الجهلة من البشر إذا أذاقه الله رحمة منه عافاه بعد المرض أو أنعم عليه بعد الفقر {لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} أنا أستحقه، ولم يقل كذلك بالنسبة للضراء وهي التي يستحقها لأنه قد عصى الله {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً} ينكر القيامة {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى} يقول ذلك بعد أن صار في خير، ونسي حالة الضراء، فأغتر بالنعمة حتى وصل به طمعه إلى اعتقاد أن الله لن يعذبه في الآخرة، وأن له الحسنى {فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} يوم القيامة لا ينفعه كبره وكفره.

  (٥١) {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ} على طبيعة البشر يستغرق في النعمة وكأنه في سكر فيعرض عن ذكر الله وعن طاعته {وَنَأَى بِجَانِبِهِ} تكبر ولا يكتفي بالإعراض فقط {وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ} رجع يدعو الله، يا الله ... يا الله، تلاشى ذلك الكبر.

  (٥٢) {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ} هذا الإنذار {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ} وهو من الله يعني أمر عظيم وكبير، لأنهم يدّعون عدم تأكدهم أنه من عند الله فقال لهم: افرضوا أنه من الله، فكيف حينما يكون من الله وقد كفرتم به يعني أمر عظيم وشقاق بعيد.