التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الجاثية

صفحة 417 - الجزء 6

سورة الجاثية

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

  حم ١ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ٢ إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ ٣ وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ٤ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ


  (١ - ٢) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حم ۝ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ ..} الكفار ينكرون أن القرآن من الله، وهذا يبين أنه من الله سبحانه، ودليل صدقه عجزهم عن أن يأتوا بسورة من مثله، وهذا دليل على أنه ليس من قول البشر لأنه لو كان من قول البشر لأمكن أن يتعاونوا على الإتيان بمثل أقصر سورة منه {الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} وهذا يبين أن عزته وحكمته تقتضي أن ينزل الكتاب لعباده لينذر ويبشر ويهدي وليس من حكمته أن يهملهم ويتركهم يفسدون في أرضه دونما إنذار بالعقاب والجزاء فالعزة والحكمة تدل على أنه سبحانه لا بد من أن ينزل الكتاب ويرسل الرسول لينذر الناس ويبشرهم ويعلمهم الخير ويهديهم إذا قبلوا فنفعه لهم هم.

  (٣) {إِنَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ} هذه الدلائل على قدرته سبحانه وعلمه وعلى أنه الخالق الرازق المنعم على عباده في السموات والأرض، فمثلاً: النجوم يهتدون بها والشمس تنفع للتدفئة وللتربة وللشجر وغير ذلك من المنافع، والأرض كذلك فيها منافع كثيرة للبشر شجرها وثمرها وأرزاقهم فيها متوفرة وأشياء كثيرة لا يسع المجال لذكرها وهي آيات عظيمة لمن تفكر.

  (٤) {وَفِي خَلْقِكُمْ} لأنه كما قال: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ}⁣[الذاريات: ٢١] خلق الإنسان آية عظيمة لأن الجهاز الواحد منه إما جهاز البصر،