التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الجاثية

صفحة 418 - الجزء 6

  فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ٥ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ٦ وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ٧ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا


  أو جهاز السمع، أو جهاز النطق كلها آيات عظيمة في خلق الإنسان تدل على قدرة وعلم وإنعام على عباده {وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ} كذلك ما يبث من دابة في الأرض وينشرها ويكثرها إنها آيات عجيبة لأنها مختلفة في صنعها بقدرته وحكمته {آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} يستعملون عقولهم حتى يحصل لهم اليقين بقدرة الله وعلمه فإذا تبين أنه القادر على كل شيء والعالم بكل شيء والخالق لكل شيء تبين أنه هو الإله، لأن هذه الأصنام لا تقدر ولا تعلم وليست بشيء، ولا يعقل أن تكون أندادا لله سبحانه.

  (٥) {وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} كل واحد يخلف الآخر كما قال: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}⁣[الفرقان: ٦٢] باعتبار أنها آية، وباعتبار أنها نعمة الليل يسكنون فيه، والنهار يسعون لأرزاقهم يبتغون من فضله {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} وهكذا من آياته المطر الذي أنزله بِقَدَر يسوق السحاب إلى الأرض التي هي بحاجة إلى المطر وينزله بقدر فأحياها وأنبت فيها الحب والفواكه وغيرها من حاجات الإنسان ليأكلوا من ثمره، وهي آيات دلائل على أنه الخالق المنعم الرازق {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ} شرقية وغربية وجنوبية وشمالية ليس هذا إلا بفعل فاعل مختار صرفها كل هذه {آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} يستعملون عقولهم.

  (٦) {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ} من القرآن هذا {نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} لأنها جاءت بالحق حين تبين الآيات الكونية، وتبين أن الله الخالق المنعم الرازق القادر على