التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأحقاف

صفحة 434 - الجزء 6

  إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ٩ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ١٠ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا


  {كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} يشهد أنني قد بلغتكم القرآن الحق، وأنكم أنتم الذين أعرضتم بغير حجة وجادلتم وافتريتم بغير حجة {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} إذا رجعتم إليه سيقبلكم ولن يسد باب التوبة في وجوهكم وليس الإنذار هذا كله إلا لكي ترجعوا إليه وتتوبوا.

  (٩) {قُلْ} يا رسول الله {مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} لست أول رسول يرسله الله فلماذا تستنكرون رسالتي وتستغربونها وتتعجبون منها لا معنى لذلك لأنه قد أرسل من قبلي رسلاً إلى الأمم الماضية فلست بأولهم {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} في المستقبل لأني لا أعلم الغيب، الغيب لله وحده، وهو الذي يثيب ويعاقب أما أنا فلا أعلم ماذا سيفعل بي وبكم {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} فلست أعلم الغيب إنما اتبع القرآن وما أوحى الله إليّ {وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} لا أدعي شيئاً غير أني رسول من الله أنذركم.

  (١٠) {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ} بهذا يزجرهم عن الإعراض حتى يعلموا أنه من الله وأنه الحق ويؤمنوا يعني أنه أمر عظيم وشقاق بعيد أن تعارضوا الباري ربكم الذي خلقكم ورزقكم تعارضوه في حكمه، في قرآنه {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} شهد هذا الإسرائيلي في عهد النبي محمد ÷ على أن هذا الذي في القرآن يوجد مثله عندهم في التوراة، فهو مصدق لما عندهم، من البعث والتوحيد وكل ما فيه من الأصول {فَآمَنَ} هذا زجر عن الإعراض، معناه: أن الحق واضح، وأن هذا الشاهد حين أنصف وفكر في الحق عرف أنه الحق من الله