التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأحقاف

صفحة 433 - الجزء 6

  وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ٦ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ٧ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ٨ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ


  (٦) {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ} يوم القيامة {كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} صارت تلك المعبودات معادية للمشركين يكفرون بعبادتهم لهم في الدنيا غير شاكرين لهم عليها، بل يتبرؤون منها، مثل قول الشيطان: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ}⁣[إبراهيم: ٢٢] وفي بعض التفاسير {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً} يعني: أن العابدين كانوا أعداءً للأصنام، على عكس الأول، لكن الأرجح هو الأول.

  (٧) {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} ما كفاهم أنهم أعرضوا عن تفهم تلك الآيات ليعرفوا أنها الحق بل زادوا على ذلك أنهم كانوا إذا تتلى عليهم الآيات يقولون: ما هذا إلا سحر مبين بيّنٌ أنه سحر.

  (٨) {أَمْ يَقُولُونَ} بل أيقولون هذا انتقال {افْتَرَاهُ} افترى القرآن هذا على الله تقوَّله {قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} لو افتريته لعذبني أو ختم على قلبي، لأنه لا يصح أن يتركني أكذب عليه وقد جاء بالمعجزة على يديّ {هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ} من الأقوال في شأن القرآن، كقولكم مرة: أنه سحر، ومرة: أنه شعر ... وغير ذلك، كل أقوالكم فيه هو عالم بها.