التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة محمد

صفحة 447 - الجزء 6

سورة محمد

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

  الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ١ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ٢ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ٣ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا


  (١) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} أبطل فائدتها، وهذا قد يعم الأعمال التي يقدّر أن فيها ثواباً مثل إطعام الجائع وإغاثة الملهوف، وكذا الأعمال التي يعتقدون أنهم سينتصرون بها مثل الإنفاق في الحرب، كما قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ}⁣[الأنفال: ٣٦] فالإنفاق هذا باطل ما انتفعوا به أي أن قوله: {أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} أعم من مجرد الإحباط.

  (٢) {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ} {آمَنُوا} بهذا القرآن الذي أنزل على محمد {وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} القرآن الحق من ربهم {كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} يعني: أنها مغفورة وكأنها مغطاة لا يرونها ولا تذكر لهم يوم القيامة {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} إما بمعنى حالهم التي يكترث بها ويهتم بها، وإما حالهم بمعنى ضميرهم ليكون ضميرهم صالحاً أي نياتهم ويقينهم مثل ما قال في الدعاء: «اللهم بلغ بإيماني أكمل الإيمان وأجعل يقيني أفضل اليقين، وانته بنيتي إلى أحسن النيات».

  (٣) {ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ} هذا هو السبب في إحباط عملهم أنهم اتبعوا الباطل، والسبب في