سورة محمد
  الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ٤ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ٥ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ
  تكفير سيئات المؤمنين أنهم اتبعوا الحق من ربهم {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ} الأمثال هنا يعني كأنه يجعل لهم قواعد وقوانين يبينها للناس فمثلاً: الذين كفروا لمّا بين سبب إضلال أعمالهم فإن هذا يشمل كل من وقع منه الكفر والصد عن سبيل الله، وكذلك الذين آمنوا يشمل كل من وقع منه الإيمان والعمل الصالح والإيمان بما نزل على محمد، كأنها قواعد كلية نافعة، وكلمات جامعة.
  (٤) {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} كأنه تفريع على إبطال أعمال الكفار. فعند المبارزة والقتال اضربوا رقابهم ضرباً {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ} أبطلتم قوتهم وانهاروا كالمريض المثخن {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} قد حان وقت الأسر {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ} بعد الأسر هذا الذي هو بعد الإثخان {مَنًّا} تمنون عليهم بإطلاقهم بدون فداء {وَإِمَّا فِدَاءً} أن تطلقوا سراحهم مقابل فدية يدفعونها. تقبلوا منهم فدية وتطلقوهم بها {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} هذا الشأن كله ابتداء من الأمر بضرب الأعناق حتى يثخنوهم ثم الأسر يطبق هذا القانون مادامت الحرب قائمة، لأنه قال: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ}[البقرة: ١٩٣].
  {ذَلِكَ} الحكم هكذا فيهم بسبب أن الله أراد ابتلاءنا بعضنا ببعض {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ} لأهلكهم بغير حرب {وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} يبلوكم بالقتال ويبلوهم كذلك ليكون عقاباً عاجلاً لهم، لعلهم