التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الفتح

صفحة 464 - الجزء 6

  نَصْرًا عَزِيزًا ٣ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ٤ لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ


  (٢) {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} لأن المجاهد يغفر له كما قال تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}⁣[الصف: ١٢] {وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} بتمكين دين الله وكثرة المسلمين وقوتهم {وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} زيادة على ما قد هداه من قبل يضيف له هداية في بقية عمره إلى الصراط المستقيم.

  (٣) {وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا} لأنه بالفتح فتح مكة انتشر الخبر في أرجاء الجزيرة العربية وشكل خطوة كبيرة للدعوة الإسلامية ارتفعت به معنويات المسلمين وتحطمت شوكة المشركين المعاندين.

  (٤) {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} يمكن أنه أنزلها وقت دخول مكة لتهدأ نفوسهم دون الأخذ بالثأر ممن كان قد ظلمهم من كفار قريش قبل الهجرة أو أنه أنزلها في الحديبية، لأنه تحول الموضوع إلى قصة الحديبية، حيث نزلت السكينة ليطمئنوا إلى الرضا بالصلح، لأنه حصل امتعاض كبير لدى المسلمين بسبب الصلح واعتبروه مذلاً لهم فأنزل السكينة عليهم لتسكن نفوسهم إليه ويرضوا به والأول أقرب.

  {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} لرضاهم بحكم الله ورسوله، لأنه من خصال الإيمان {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} جنود السموات الملائكة، وجنود الأرض المؤمنون المجاهدون {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} عليما بما تقتضيه الحكمة عليماً بكل شيء وحكيما في أفعاله وأمره وتصرفاته.