التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة ق

صفحة 491 - الجزء 6

سورة ق

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

  ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ١ بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ٢ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ٣


  (١) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ق} {ق} عندي أنه من حروف المعجم التي تأتي في أول السور، إما من التعجيز بالقرآن الذي هو حروف معدودة ينطقون بها، وإلا إشارة إلى أن الله أوحى القرآن بألفاظه وحروفه - والله أعلم.

  {وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} أقسم بالقرآن المجيد وجواب القسم محذوف تقديره: إنك لمن المرسلين حذف للاكتفاء بالظروف التي نزل القرآن خلالها وهي التي كان الناس بين مصدق ومكذب برسالة الرسول وقد أظهر جواب القسم في قوله تعالى: {يس ۝ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ۝ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}⁣[يس: ١ - ٣] لأن القرآن هو الآية الدالة على أنه رسول من الله وهو المعجزة الكبرى، فأقسم به لذلك ولهذا رتب عليه قوله: {بَلْ عَجِبُوا} هؤلاء الكفار {أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ}

  (٢) {بَلْ عَجِبُوا} هؤلاء الكفار {أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} لأنه ليس بدعاً من الرسل ولم يكن هناك ما يدعو للعجب بعد ما تبين أنه آية من الله أنه كلام الله لا كلام البشر فلا مبرر للاستغراب هذا لأنه قد جاء بالبينة معه إضافة إلى كونه منهم يعرفونه تمام المعرفة {فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ} جعلوا الإنذار بالآخرة شيئاً عجيباً.

  (٣) {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} كيف نعود أحياء بعد أن متنا وقد تحولت أجزاءنا إلى تراب فالعود إلى الحياة أمر بعيد مقصودهم أنه لا يمكن، فهذا احتجاج منهم لإبطال النبوة، والتكذيب بالقرآن، لأنه أنذر بالبعث بعد الموت، حتى ولو كان قد تبددت أجزاؤهم وضاعت بين التراب، أو صارت تراباً.