سورة ق
  قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ٤ بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ٥ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ٦ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ٧ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ
  (٤) {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ} هذا رد عليهم بأن ذلك ليس بعيداً لأن الله عالم بالأجزاء كلها التي قد تحولت إلى تراب {وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} يعني: لا ننسى شيئاً، مثل ما قال موسى: {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى}[طه: ٥٢] والكتاب كناية عن كونه محفوظاً في علمه سبحانه، لا ينسى جزءاً من الإنسان فضلاً عن أن ينسى إنساناً، وكذلك لا يغلط في شيء، فلا معنى إذاً للعجب.
  (٥) {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ} هذا هو السبب في العجب أنهم كذبوا بالقرآن لما جاءهم وهو الآية الكبرى الواضحة البينة التي قد عرفوا أنهم عاجزون عن الإتيان بسورة من مثله {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} فصاروا في أمر مضطرب مختلف كل مرة يروجون لدعاية ضد الرسول ÷، فمرة يقولون: ساحر، ومرة: شاعر، وأخرى: مجنون.
  (٦) {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} لأنهم استبعدوا البعث بعد أن تكون قد أكلتهم الأرض، استبعدوه بالنسبة إلى قدرة البشر، فلينظروا إلى قدرة الله إلى خلق السموات فوقهم كيف بناها الباري ووسعها وزينها بالكواكب والشمس والقمر، وهي على كبرها واتساعها لا توجد فيها فطور أو نحوها، بل هي محكمة البناء.
  (٧) {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} ولينظروا إلى الأرض كيف وسعناها للبشر {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} جبالاً راسيات في أماكنها ثابتة {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} أنواع الثمار والأشجار والفواكه الحسنة النظرة التي نوَّعها بقدرته، هذه كلها دلائل قدرته ونعمته على عباده.