سورة الحديد
  الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ٢٩
  {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} نوراً في قلوبكم بصيرة وهدى تتنور قلوبكم مثل ما قال: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ}[الأنعام: ١٢٢] قد يعني أن هذا النور توفيق وهداية وزيادة بصيرة لا يميل مع أهل الدنيا {وَيَغْفِرْ لَكُمْ} لأن التقوى تستلزم التوبة التي بها تغفر الذنوب {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} كثير المغفرة والرحمة.
  (٢٩) {لِئَلَّا يَعْلَمَ} يمكن أن المقصود ليعلم يقال: أن (اللام) زائدة حتى أن الإمام الهادي في (الأحكام) مَثَّل بهذه الآية في الاستدلال على أن العرب تثبت (لا) وهي لا تريدها {لِئَلَّا يَعْلَمَ} ليعلم {أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} لما مَنّ الله على أهل الكتاب بإرسال الرسل منهم وإنزال الكتب عليهم استحكمت في كثير منهم الأنانية حتى أنفوا أن يجعل الله الرسالة في غير (بني إسرائيل) فكانوا ألد الأعداء للرسول محمد ÷ فنبههم في هذه الآية إلى كون الأمر بيده والفضل بيده يؤتيه من يشاء، وليس لهم أن يتحكموا أو يتدخلوا في مسألة اختيار من أراد الله من عباده رسولاً {وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} لأن الملك له، والأمر له وهو أعلم حيث يجعل رسالاته {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} فيطلب منه سبحانه الفضل العظيم بالإيمان والإنفاق والطاعة، والانقياد لأمره.