التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المجادلة

صفحة 57 - الجزء 7

سورة المجادلة

  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

  قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ١ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ٢ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ


  (١) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} هذه التي قالت: «اللهم إن أوساً طلقني حين رق عظمي ونثرت له كنانتي، وقَلَّتْ حاجة الرجال مني» يعني شكت إلى الله، لأن النبي ÷ لما يكن لديه جواب في هذه المسألة وظلت تجادله فيما أقدم عليه زوجها من الظهار، وهي تطلب حكما شرعياً في المسألة وإلا فهي تعلم أن الجاهلية كانوا يجعلونه طلاقاً {وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} اتجهت بشكواها إلى الله {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} تحاور النبي ÷ والمرأة هذه {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} ما يخفى عليه شيء من الأصوات، ولا شيء من المرئيات كلها متجلية له.

  (٢) {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} أولاً أنكر الظهار عليهم وأن زوجته لا تصير أمه بسبب الظهار {إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ} هن أمهاتهم حقيقة {وَإِنَّهُمْ} الذين يظهرون {لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} كذباً فيه ميل إلى الباطل أي أن جعلها مثل ظهر أمه ليس حكم الله، وإنما حكم جاهلي {وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} عما مضى في الجاهلية لا يحاسبهم عليه مثل قوله في قتل الصيد: {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ}⁣[المائدة: ٩٥] لما كانوا يقتلون الصيد في الحرم أيام الجاهلية، فنهى عنه الإسلام وعفا عما مضى من قتلهم له في الجاهلية وهدد من عاد إليه في الإسلام بالانتقام.