التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الممتحنة

صفحة 85 - الجزء 7

  إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ٤ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٥ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ


  (٤) {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} كأن هذا من التجريد الذي يذكره أهل البديع بمعنى أنه أسوة نفس إبراهيم أسوة أي قدوة، أو بمعنى أنه يجدر بكم أن تتأسوا بهم {إِذْ} حين {قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ} رفضناكم وتبرأنا منكم {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} يعني تؤمنوا بالله أنه لا إله إلا هو {إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ} هذا ليس إلا استثناء منقطعاً لأن قول إبراهيم لم يكن إلا عن موعدة وعدها إياه، يعني فلا يتأسى به فيها؛ لأنه قال: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ}⁣[التوبة: ١١٤] {وَمَا أَمْلِكُ لَكَ} لأبيه {مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} ليس لي يد عند الله تجعله يغفر لك {رَبَّنَا عَلَيْكَ} وحدك {تَوَكَّلْنَا} وكلنا أمورنا إليك {وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا} رجعنا إليك {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} إليك وحدك نصير في الآخرة.

  (٥) {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} لما أعلنا العدواة لهم فلا تمكنهم من ظلمنا لأنه إذا مكنهم كان قد جعلهم فتنة للكفار يفتنون بهم ويظلمونهم ويقتلونهم فيعذب الكفار يوم القيامة بسببهم {وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا} يا ربنا {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} لأن عزتك وحكمتك تقتضي أن تغفر لأوليائك الذين هم معك منيبين إليك راجعين إليك معادين لقومهم من أجلك.