التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الملك

صفحة 162 - الجزء 7

  ١٨ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ١٩ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ


  (١٨) {وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} {وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} من الأمم السالفة {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} نكيري تغييري عليهم وردعي لهم وعقوبتي العاجلة النازلة بهم، فقد بلغكم من أنبائهم ما فيه عبرة لكم، لتحذروا أن يحل بكم مثل ما حل بهم بسبب التكذيب، وهو يصدق على تكذيبهم لرسلهم، وتكذيبهم بآيات اللّه الدالة على صدق الرسل، وقد جاء في التكذيبين قوله تعالى: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}⁣[سبأ: ٤٥] وقال تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ ۝ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ}⁣[القمر: ٤١ - ٤٢].

  (١٩) {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ} هذا دليل من دلائل قدرة اللّه تعالى وحجة على الكافرين المنكرين للبعث لاستبعادهم القدرة على إحياء العظام وهي رميم، فهم يشاهدون الطير التي تصف أجنحتها وهي طائرة فوقهم وصفها لأجنحتها يكون بنشرها وبسطها، بحيث يصير الريش مصفوفاً غير متداخل بخلاف حالة القبض للجناح الذي يتداخل به الريش، والقبض ضد البسط يحدث في خلال الطيران، وهذا لصنع اللّه في الطير وأجنحتها، وفي الهواء ولطافته، فهو الذي يمسك الطير في الهواء برحمته {إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ} فهو عليم كيف يخلق ما شاء مهيَّأ لما يراد به، ولذلك فهو قادر على إحياء الموتى وتجديد خلقهم، وإن كان ذلك مستبعداً عند الكفار، كما هو قادر على جعل الطير يصف جناحيه وهو في الهواء ولا نعلم كيف أمكن ذلك.