التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الملك

صفحة 164 - الجزء 7

  وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٢٢ قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ٢٣ قُلْ


  (٢٢) {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} {يَمْشِي مُكِبًّا} تمثيل لمن يمشي على غير بصيرة، وفي (تفسير الإمام الهادي) كما في (مصابيح الشرفي): «ومعنى {يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ} يقول: يمضي على جهل من أمره ويعمل في غير صواب» انتهى.

  قلت: ووجه التمثيل أن الذي يمشي وهو مكب على وجهه كالساجد لا يرى الطريق ولا يدري أهو على صواب أم غلط لأنه ينقل مساجده إلى جهة الأمام ولا ينظر إلى أمامه، وهذا لا يكون إلا من عاجز عن القيام والقعود أو من مجنون أو نحوه، وقوله تعالى: {أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} تمثيل لمن يعمل على بصيرة من أمره ومعرفة بالحق ويمضي على الصواب.

  (٢٣) {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} {أَنْشَأَكُمْ} أوجدكم {وَالْأَفْئِدَةَ} جمع فؤاد، والفؤاد قيل: هو باطن القلب، الذي هو مركز اللب ومحل العقل.

  وفي (تفسير الإمام الهادي #) كما في (مصابيح الشرفي): «والأفئدة: فهي القلوب التي يعقلون بها» انتهى.

  ولعل المعنى واحد، والمراد مركز العقل، والقولان في (لسان العرب) وفي هذه الآية الكريمة الجمع بين الدلالة على قدرته تعالى القدرة التي لا تقاس بها قدرة المخلوق، والتي يفقدها من يعبدونهم من دون اللّه، والدلالة على نعمته العظمى، فكل واحدة من الثلاث النعم لا يعدلها ملك الأرض.