التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الملك

صفحة 165 - الجزء 7

  هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ٢٤ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٢٥ قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ٢٦


  وقوله تعالى: {قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} فيه احتجاج عليهم؛ لأن شكر المنعم واجب يعاب تاركه ولو كان قليلاً فكيف إذا كانت نعمة في عظمها لا تقاس بها نعمة وفي كثرتها ودوامها لا تعد لديها نعمة المخلوق شيئاً وهم مع ذلك يعصونه ويطيعون عدوه ويعبدون من دونه ما لا يستحق ولا يملك لهم نفعاً ولا ضرّاً.

  (٢٤ - ٢٦) {قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ۝ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ۝ قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} {قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ} في (تفسير الإمام الهادي #) كما في (المصابيح): «ومعنى {ذَرَأَكُمْ} فهو أنبتكم وأخرجكم وأوجدكم وخلقكم وبثكم في الأرض» انتهى، وفي (الصحاح): «ذرأ اللّه الخلق: خلقهم» انتهى باختصار.

  ولا تعارض بين التفسيرين؛ لأن الإمام الهادي # زاد تفسير قوله تعالى: {فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} أي تخرجون من القبور وتبعثون بعد الموت إليه؛ ليحاسبكم ويجزي كل نفس ما كسبت تحشرون إليه وحده، فهو الذي يحاسبكم، وهو الذي يجزي وليس لأحد غيره شيء من الحكم {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}⁣[غافر: ١٦] فشركاء المشركين يضلون عنهم يومئذ، والله وحده يعذب من يشاء ويرحم من يشاء [و] مع ما ذكر من الآيات والإنذار ووضوح صدق النذير والزواجر المذكورة ودلائل قدرة اللّه تعالى مع ذلك كله: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وهذا اقتراح يتخذونه شبهة، كأنهم يقولون: إن كنتم تعلمون أنه سيكون فكيف لا تعلمون متى يكون وقد خلت قرون كثيرة فلم يبعثوا، فإن كان يأتي لا محالة فحددوا وقته.