سورة القلم
  صَارِمِينَ ٢٢ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ٢٣ أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ٢٤ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ٢٥ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ٢٦ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ٢٧ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ ٢٨
  في عناية زكريا به، وكونه عند اللّه بمنزلة الصوت العالي؛ لأنه سواء عنده {مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ}[الرعد: ١٠] فقد سمعه سبحانه كما لو كان نداء.
  وقد قال الراغب: «النداء: رفع الصوت وظهوره» ولا يشترط أن يقترن بأحد حروف النداء إلا في عرف النحاة.
  (٢٢) {أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ} {أَنِ} مفسرة، والكلام تفسير لما تنادوا به من القول، و (الغدو): الذهاب في الغداة، أي أول اليوم، و (الحرث): موضع الزرع، وقولهم: {إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ} تحريض على التبكير ليصرموا زرعهم، وأعتقد أنهم أرادوا إنكم إن لم تبادروا حضر معكم المساكين فلم تحصلوا منها على طائل؛ لأن المساكين إذا حضروا لم تستطيعوا منعهم وهم كثير، وعند ذلك تعودون وكأنكم لم تصرموها لقلة ما تعودون به، وهذا مبالغة منهم لتأييد أصحابهم لهم في دفع المساكين.
  (٢٣ - ٢٤) {فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ} {يَتَخَافَتُونَ} في طريقهم، وفسر ما يتخافتون به قوله تعالى: {أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ} وهنا نهي مؤكد بـ (نون التوكد) وتعميم لمنع المسكين الواحد لو حضر وأراد الدخول عليهم حين يصرمونها.
  (٢٥ - ٢٧) {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} فحين وجدوا من أنفسهم أنهم قادرون على صرم لا يحتاجون إلى معاونة أحد غيرهم، صمموا على أن لا يدخلها عليهم مسكين، لا ليتصدقوا عليه ولا ليعينهم فيأخذ منهم أجراً من الثمر.