سورة القلم
  
  {وَلَا يَسْتَثْنُونَ} لا يقولون: «إن شاء اللّه» فيثبتوا بذلك القدرة لله، قال (صاحب الكشاف): «فإن قلت: لم سمي استثناء، وإنما هو شرط؟ قلت: لأنه يؤدي مُؤَدَّى الاستثناء من حيث أن معنى قولك: لأخرجن إن شاء اللّه ولا أخرج إلا أن يشاء اللّه واحد» انتهى.
  قلت: الأرجح عندي: لأخرجن إلا أن يشاء اللّه أن لا أخرج، فهو المماثل لقولك: لأخرجن إن شاء الله، وقول (صاحب الكشاف): عما هو شرط، لعله يعني في عرف النحاة أو في عرف العلماء، فأما في اللغة فالمرجع في الاستثناء والشرط إلى المعنى وإن لم يكن بالأدوات الخاصة، والإمام الهادي # قد فسر قوله تعالى: {وَلَا يَسْتَثْنُونَ} يقول: «لم يقولوا: إن شاء اللّه» وهذا قد أفاده الزمخشري نفسه في الجواب على السؤال.
  (١٩ - ٢١) {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ} {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ} نزل بها أمر اللّه في ليلتهم وفي حال نومهم {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} ذهب ثمرها وأصبحت كالزرع المحصود.
  {فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ} قال الإمام الهادي: «معنى (تنادوا مصبحين): تصايحوا وتداعوا عندما أصبحوا» قلت: وهذا الراجح عندي في معنى النداء أن أصله الصوت العالي، ولذلك سمي الأذان نداء، وقال الشاعر:
  فقلت أدعي وأدعو إن أندى ... لصوت أن ينادي داعيان
  وقد اعترض على هذا بقوله تعالى في زكريا: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا}[مريم: ٣] والجواب: أنه نزل منزلة الصوت الرفيع على طريقة المجاز ومعه القرينة، وهي قوله تعالى: {نِدَاءً خَفِيًّا} ولعل وجهه مشابهته للصوت العالي