سورة المعارج
  قَرِيبًا ٧ يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ ٨ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ٩ وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا ١٠ يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ
  (٥) {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلاً} هذا أمر من اللّه لرسوله محمد ÷ أن يصبر على تكذيب الكفار المستعجلين للعذاب، وعلى تحمل أعباء الرسالة {صَبْرًا جَمِيلاً} والصبر الجميل: هو الذي يكون تحملاً قوياً، لا يصحبه تضجر ولا شكاية، أي فاصبر فالعذاب آتيهم عن قريب.
  (٦ - ٨) {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ} {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا} قال الإمام الهادي #: «أي يرونه باطلاً ولا يوقنون به، ومن ذلك ما تقول العرب: زعم فلان أنه يقتل فلاناً وهذا أمر بعيد منه أي لا يقدر عليه، يقول اللّه سبحانه: يرون ما يعدهم من وقوع هذا العذاب بهم محالاً لا تصح في عقولهم عندهم» انتهى باختصار.
  {وَنَرَاهُ قَرِيبًا} واقعاً لا محالة لاشك فيه، قال الإمام الهادي #: «والعرب تسمي كل ما أيقنت بوقوعه قريباً» انتهى، والضمير في {يَرَوْنَهُ} {وَنَرَاهُ} الأقرب عندي ليوم كان مقداره أي ليوم القيامة، وقد وضحه بقوله تعالى: {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ} أو معناه: أن العذاب واقع يوم تكون السماء، والأقرب عندي الأول، قال الإمام الهادي #: «معنى {تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ} فهي تذوب بعد تجسمها، وتنحل بعد عظمها حتى تعود إلى ما كانت عليه أولاً من الدخان الذي خلقت منه، والمهل فهو صفو القطران» انتهى باختصار.
  وقد اختلفوا في تفسير (المهل) وذكر له (صاحب القاموس) معاني عديدة، وقال (صاحب لسان العرب) بعد ذكر بعض التفاسير للمهل: «والمهل والمهلة، ضرب من القطران ما هيّ رقيق يشبه الزيت وهو يضرب إلى الصفرة من مهاوته وهو دسيم تدهن به الإبل في الشتاء» انتهى.