التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الجن

صفحة 250 - الجزء 7

  الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ١٠ وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا ١١ وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا ١٢ وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ


  السماء لنسمع ما تقوله الملائكة، فقد اختلف الحال فمن يلمس السماء ويستمع {يَجِدْ لَهُ شِهَابًا} معداً ليرمى به عند وصوله قبل أن يقعد فلا يتمكن من أن يقعد للاستماع، ولا ينافي هذا أن الشهب كانت ترمى من قبل؛ لأن ذلك لم يكن مستمراً كما صار الآن، فلم يكن مانعاً من القعود للسمع في كل حال كما هو الآن، أما الآن فلا يمكن الاستماع {إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ}⁣[الصافات: ١٠].

  (١٠) {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} {لَا نَدْرِي} أراد اللّه شراً {بِمَنْ فِي الْأَرْضِ} بتشديد الحراسة والرمي بالشهب {أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} بذلك، أو أنا لا ندري بسبب أنا لا نسمع ما تخبر به الملائكة من أمر اللّه وما يريد أن يقضي في أهل الأرض، وكنا قبل تشديد الحراسة ندري ببعض ما يكون بأهل الأرض لسهولة الاستماع، فالآن تعسر الاستماع فلا ندري ما يكون، قال الإمام الهادي #: «والشر فهو العذاب والبلاء والرشد فهو الخير والرحمة» انتهى.

  (١١) {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} {دُونَ ذَلِكَ} أي غير صالحين، كأنهم اعتبروا الصلاح درجة رفيعة يقصر دونها من لم يصلح {طَرَائِقَ قِدَدًا} ألواناً مختلفة، مثل: مؤمن، ومنافق، وفاسق، وكافر، ممزقين قطعاً ومختلفين فرقاً.

  (١٢) {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا} الأقرب في معنى {ظَنَنَّا} أنه مثل معنى: {إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ}⁣[الحاقة: ٢٠] إما بمعنى