سورة المزمل
  فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا ١٦ فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ١٧ السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا ١٨ إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ١٩ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ
  (١٦) {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا} أي أخذنا فرعون {أَخْذًا وَبِيلًا} ثقيلاً غليظاً؛ ولأنه هلاك صار به إلى العذاب الدائم، فهو وخيم لسوء عاقبته فيمكن تفسير الوبيل: بسيء العاقبة، كقوله تعالى: {فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ}[التغابن: ٥] أي وخاومته وسوء عاقبته.
  (١٧) {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} أي أرسلنا إليكم رسولاً {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ} يوم القيامة {إِنْ كَفَرْتُمْ} بالرسول وما جاء به من الآيات، فاليوم الذي {يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} تشيب منه رؤوس الولدان ويصيرون في هرم الكبار، وهذا في أول أهوال ذاك اليوم لشدة أهواله وعظم زلزاله لا يكون لكم فيه قوة ولا ناصر، وهو يوم لا يتقى هوله إلا بالإيمان والتقوى، فإذا صرتم في ذلك اليوم على كفركم، فكيف تتقونه وقد فات أوان التقوى والإيمان النافعين؟!
  (١٨) {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا} {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} تنشق السماء بسب ذلك اليوم، كأنه آلة لانفطارها يشقها بنفسه أو في ذلك اليوم {كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا} لا بدَّ من وقوعه ووقوع ما وعد اللّه بوقوعه فيه؛ لأنه وعد صادق وعد أصدق القائلين وأحكم الحاكمين.
  (١٩) {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ} هذه الآيات تذكرة لمن يتذكر، وتنبيه لمن ينتبه ويستعمل عقله ويتفكر فينتبه من غفلته.