التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المزمل

صفحة 271 - الجزء 7

  


  ولعله ÷ صار إلى هذا الوقت في آخر مدة العمل بهذا التكليف الذي هو إيجاب ترتيل القرآن كله فهو يزداد وينمو بسبب تنزيله شيئاً فشيئاً، فلعله كان قد كثر حتى احتاج إلى الزيادة إلى قريب من ثلثي الليل ليتم القرآن كله، أي الذي قد نزل عليه.

  {وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} ولعل الطائفة: علي #، وخديجة &، فهما مظنة ذلك، وفي (شواهد التنزيل) للحاكم الحسكاني بسنده عن ابن عباس قال: «علي، وأبو ذر» وفي رواية أخرى في (شواهد التنزيل) بإسناده عن ابن عباس في هذه الآية: «فأوَل من صلى مع رسول الله ÷ علي بن أبي طالب، وأول من قام الليل معه علي ..» إلخ.

  {وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} أي لن تحصوا القرآن المأمور به في القيام كل ليلة، فالقرآن ينمو ويزداد ويكثر حتى لا يتسع له وقت القيام من الليل؛ لأن الليل محدود بتقدير اللّه له وللنهار، فالليل لن يتسع تبعاً لكثرة القرآن بل يبقى على حده {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} أسقط عنكم القيام المشتمل على ترتيل القرآن كله.

  {فَاقْرَءُوا} بدلاً من ذلك {مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} من قليل أو كثير، قال الإمام الهادي #: «فجعل قليل القرآن مجزئاً لمن كان لصلاته مؤدياً» انتهى، ويفهم من كلامه # أن {مِنَ} في قوله تعالى: {مِنَ الْقُرْآنِ} للبيان مثلها في قوله تعالى: {وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ}⁣[يونس: ٦١] وعلى هذا فلا بد من قراءة ما يسمى قرآناً، والظاهر: أن السورة تسمى قرآناً لأنها معجزة، فتجزي مع (الفاتحة) سورة ولو من قصار السورة، فالقارئ المصلي مخيّر فيما تيسر له إذا كانت عدة سور متيسرة له.