سورة الإنسان
  
  وفي (سورة الحج) ترهيب بالمقامع من حديد، وهي (مدنية) فلا وجه لما طول به المعارض لنزول الآيات في أهل البيت، فقد ظهر انحرافه عن الاعتراف بالآيات النازلة فيهم المشهور نزولها فيهم، والظاهر من لفظها كـ (آية التطهير) و (آية المباهلة) و (آية المودة).
  (٩ - ١٠) {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} {لِوَجْهِ اللَّهِ} تقرباً إليه وتوسلاً إلى رضاه ورحمته، لأن الراضي عنك يقبل إليك بوجهه، والمحب لك يقبل إليك بوجهه فهو من المجاز، كما أن الساخط يعرض عنك ولا ينظر إليك، فعبر عن السخط بترك النظر في قوله تعالى: {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[آل عمران: ٧٧] وقال أولاد يعقوب: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا ..} إلى قولهم: {.. يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ}[يوسف: ٨ - ٩] كان يعقوب # يكثر الإقبال على يوسف وأخيه لحبهما، فقالوا: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ}[يوسف: ٩] ليقبل إليكم بوجهه ولا يقبل إلى غيركم، وقد غلطوا في التوسل إلى إقباله بظلم يوسف، ولكنهم أرادوا أن لا يبقى معارض لهم في وجه أبيهم، أي في إقباله ونظره.
  {لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} {جَزَاءً} بخدمة أو عطاء متى تمكنتم {وَلَا شُكُورًا} بإظهار نعمتنا عند الناس بالثناء مثلاً، وهذا تعبير عن خلوص نيتهم في التقرب إلى اللّه، فأما هل قالوا ذلك بألسنتهم أو أضمروه في قلوبهم من دون أن ينطقوا به؟ فالله أعلم، وقد يمكن أنهم تكلموا بذلك لمن خافوا منه الثناء في الناس والمكافأة بأي وسيلة لئلا يقع منه ذلك، وهذا هو ظاهر الخطاب بقوله: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ} {لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ}.