التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإنسان

صفحة 319 - الجزء 7

  


  وفي تفسير (الغريب) للإمام زيد بن علي #: «أما إنهم لم يتكلموا به ولكن علم اللّه تعالى ما في قلوبهم فأثنى عليهم ليرغب فيه راغب» انتهى، ومثله روي عن غيره من المفسرين، ويرجحه قوله تعالى: {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} فالأقرب: أنه حكاية للسان حالهم، وقد كان والدي | إذا قرأ هذه السورة في الصلاة يبكي إذا بلغ عند هذه الآية؛ لأنه يتذكر أنهم خافوا وهم أهل الطهارة والعصمة يوم القيامة العبوس القمطرير، فكيف لا نخافه نحن وقد وصفه اللّه هذا الوصف.

  ومعنى {عَبُوسًا} كثير العبوس، وهو تمثيل لشدته وتشبيه له بالغضبان المقطب لوجهه الداهية، أو المراد: وصف أهله الخائفين بالعبوس الشديد فهو مثل: {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}⁣[الحاقة: ٢١].

  وفي (تفسير الإمام زيد #): «والقمطرير: الطويل» انتهى، ولعله يعني: أنه لطوله تضاعفت شدته وتراكمت أهواله، فهو كتفسير الإمام الهادي #، حيث قال: «والقمطرير: فهو المتضاعف الشدة، الصعب الأمر، الذي ليس بعد شدته شدة، المتراكبة شدته شيئاً فوق شيء» انتهى.

  وفي (الصحاح): «يوم قماطر، ويوم قمطرير: أي شديد، قال الشاعر:

  بني عمنا هل تذكرون بلاءنا ... عليكم إذا ماكان يوم قماطر

  بضم القاف، واقمطرّ يومنا: اشتد. أبو عبيد: المقْمَطِرّ: المجتمع» انتهى المراد، وأنشد الزمخشري في (الكشاف):

  «واصطليت الحروب في كل يوم ... باسل الشرّ قمطرير الصباح»

  انتهى، قلت: يعني شديد البأس صباحُه.