التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة عبس

صفحة 396 - الجزء 7

  


  وقال آخر:

  المحه من سنا برق رأى بصري ... أم وجه نُعْم بدا لي أم سنا نار

  وأما الضحك فهو دليل الأمن والسرور، وأما الاستبشار فهو في القلوب فرح، بما عرفوا بالعلامات من حسن مأواهم وكرامتهم عند مولاهم، ولعله يؤخذ في معنى الاستبشار أنه سرور يظهر في البشرة.

  قال الراغب: «وَأَبشَرْتُ الرَّجُلَ، وَبَشَّرْتُهُ، وَبَشَرْتُهُ: أَخْبَرْتُهُ بخبر سَارٍّ بَسَطَ بَشَرَةَ وَجْهِهِ، وَذَلك أنّ النفسَ إذا سُرَّت انْتَشَرَ الدَّمُ فيها انْتِشَارَ الماءِ في الشَّجَرِ» انتهى، وهذا الاستبشار في القيامة إذا جاءت الصاخة.

  (٤٠ - ٤١) {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ۝ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} {غَبَرَةٌ} غبار من أثر خروجهم من بين التراب، أو من هباء الجبال أو غير ذلك و {تَرْهَقُهَا} تغشاها، أي تلحق الوجوه وتعلوها {قَتَرَةٌ} سواد أو تلحق الغبرة، والأول أظهر؛ لأنه قال في الذين أحسنوا: {وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ}⁣[يونس: ٢٦] ولعل هذه القترة اسوداد وجوههم من الندم والغم.

  (٤٢) {أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ} أي جملتهم كفرة فجرة، والكفر، إما كفر النعمة، وإما جحد ما أخبر اللّه به من البعث أو غيره، أو التكذيب بالآيات، ويحمل على المعنيين؛ لأن السياق يناسبهما كما مر، و {الْفَجَرَةُ} أهل الجرائم ضد الأبرار، كما قال تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ۝ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}⁣[الإنفطار: ١٣ - ١٤] ضد المتقين، كما قال تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}⁣[ص: ٢٨] وقال تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}⁣[الشمس: ٨].

  وكما قال الشاعر:

  لنفسي تقاها أو عليها فجورها