التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة عبس

صفحة 395 - الجزء 7

  ٣٧ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ٣٨ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ٣٩ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ٤٠ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ٤١ أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ٤٢


  وعبارة (الكشاف): «يقال: صخ لحديثه، مثل أصاخ له، فوصفت النفخة بالصاخة مجازاً؛ لأن الناس يصخون لها» انتهى.

  قلت: أصاخ له أي استمع له، قال الشاعر:

  وحديثها كالقطر يسمعه ... راعي سنين تتابعت جدبا

  فأصاخ يرجو أن يكون حياً ... ويقول من فرح هَيَا رَبَّا

  ثم فسر: {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ} فقال تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} {يَفِرُّ} الإنسان يفر من خاصته في الدنيا؛ لأنه مشغول بنفسه {وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ} والديه {وَصَاحِبَتِهِ} قرينة حياته الدنيا، سواء كانت زوجه كما هو شأن معظم العالم، أم خدينة تكون معه بمنزلة الزوجة أو أخص، كما هو شأن بعض الكفار {وَبَنِيهِ} الذين كان في الدنيا مستعداً ليفديهم بنفسه بالدفاع عنهم.

  (٣٧ - ٣٩) {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ۝ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ۝ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ} {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} {لِكُلِّ} إنسان من المذكورين في ذلك اليوم العظيم وبسبب هوله {شَأْنٌ} حال {يُغْنِيهِ} يدفعه عن أهله ويشغله عنهم، فلا يحاول أن ينصره أو يسأله عن حاله، ثم فسر تعالى الشأن الذي يغنيه، فقال: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ۝ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ} {مُسْفِرَةٌ} ناضرة بيضاء مشرقة، وعبارة (الكشاف): «مضيئة متهللة من أسفر الصبح».

  وعلى هذا: فهي منيرة ليس مجرد البياض، ويحتمل: أنها لجمالها وظهور أثر السرور عليها كأنها تضيء، كما قال الشاعر:

  وإذا نظرت إلى أسرة وجهه ... برقت كبرق العارض المتهلل