سورة المطففين
  عَظِيمٍ ٥ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ٦ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ٧ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ ٨ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ٩ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
  فالدعاء مخلصين لله محمود غير مذموم، ولكنه حجة عليهم حين بغوا وهذا واضح، وإنما أكثرت فيه لأن بعض المفسدين ألف كتيّباً يدعو فيه إلى ترك الدين إذا كان الإنسان لا يتمه في كل شيء ويستمر عليه، وأورد من القرآن احتجاجاً على ما زعم أمثال هذه الآيات، وهو خطأ فاحش، فالمذموم الباطل وحده - وبالله التوفيق.
  (٤ - ٦) {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} اعلم أن أعظم مهمة الكتاب والرسول: التعريف بالله والدعوة إليه، والإنذار والتبشير {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء: ١٦٥] وجاء مطلع هذه السورة الكريمة في (التطفيف) وإن كان المراد الأعظم: هو إنذارهم، وفي بدء السورة بإنكار التطفيف لطيفة من محاسن البيان، وهي ابتداء الكلام بما يدعو السامع إلى الإصغاء وحسن الاستماع، فقد كانوا في مكة المكرمة في مركز تجارة يعيشون عليها والعدل فيها محبب إلى الطباع؛ لأنه مما يستقيم به أمر المجتمع، وكل الناس يكرهون الجور والحيف ومنه التطفيف.
  فهم إذا سمعوا الرسول ÷ يخوف من التطفيف لابد أن يصغوا لقوله، حتى يؤديهم إلى سماع الإنذار الذي هو المقصود الأكبر فيسمعوا ذكر البعث والوقوف للحساب بين يدي رب العالمين بإصغاء؛ لمناسبة ذكر الوعيد على التطفيف ومطابقة الكلام لفطرة العقل، من أنه لابد من جزاء الظالم، فيكون لهذا البيان الوقع الكامل في قلب من ألقى السمع وهو شهيد.