سورة المطففين
  لِلْمُكَذِّبِينَ ١٠ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ١١ وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ١٢ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ١٣ كَلَّا بَلْ رَانَ
  ويظهر: أن الرقم في اللغة الخط سواء كان كتابة أحرف أو صورة أو نقوش، وفي الحديث الذي رواه الإمام الهادي # في (الأحكام): «لا تدخل الملائكة بيتاً فيه تماثيل أو صور إلا ما كان رقماً في ثوب» انتهى، ولكن ذكر الكتاب في الآية الكريمة قرينة أن الرقم أحرف أو رقوم درجات العذاب يفهمها الخزنة أو نحو ذلك، والمراد بهذا التقريب الذي يرشد إليه السياق.
  (١٠) {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} الأرجح أن معنى {يَوْمَئِذٍ} {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} لأن السياق لم يبعد، وقوله: {كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ ..} الآيتين كلام في بعض أحوال ذلك اليوم، فليس خروجاً عن السياق فيه، والمكذب: هو الذي يكذب الخبر أو المخبر، فيقول: الخبر كذب أو المخبر كاذب، والأصل: تكذيب الخبر، ويبنى عليه تكذيب المخبر في ذلك الخبر أو فيه وفي غيره، وقد غلب على الكفار الذين كذبوا الرسل كان الرسول يبلغ قومه أنه نذير لهم بين يدي عذاب شديد، ويخبرهم بالحياة الآخرة، وما وعد اللّه به من الجنة والنار، فيكذبون ذلك الخبر، محتجين بأنه لا يبعث اللّه من يموت، مستندين إلى استبعاد إحياء العظام وهي رميم ... ونحو ذلك.
  وينتقلون من تكذيب الخبر بالبعث إلى تكذيب الرسول في قوله: إن اللّه أرسله إليهم {هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ ..}[سبأ: ٧ - ٨] {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ}[القمر: ٩] {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}[سبأ: ٤٥].