سورة المطففين
  
  وقال تعالى: {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ}[النمل: ٨٧] وقال تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}[الحاقة: ١٨] فلا بد من جمع الناس ليوم الجمع، ووقوفهم للسؤال الذي أقسم اللّه أنه يسألهم في قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الحجر: ٩٢ - ٩٣] وقال تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ}[الأعراف: ٦ - ٧].
  (٧ - ٩) {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ} {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} {كَلَّا} حرف زجر وردع عن التطفيف والتهاون بعاقبته، و كتاب عملهم، والفجار: جمع فاجر، ضد الأبرار، ومن الفجار المطففون {لَفِي سِجِّينٍ}.
  وقد فسر {سِجِّينٍ} قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ} فسجّين الذي فيه كتاب الفجار {كِتَابٌ مَرْقُومٌ} ضمنه كتاب الفجار، ولعله - والله أعلم - كتاب يرسل إلى سجنهم إلى خزنة جهنم، يؤمرون فيه بتعذيبهم كل على قدر فجوره، وتذكر فيه مقادير العذاب التي توافق مقادير الفجور، ويرسل ضمنه كتاب الفجار ليعرف الخزنة مقادير فجورهم، حتى يكون تقدير شدة عذابهم على مقادير الجرائم - والله اعلم.
  وفي (مفردات الراغب): «الرقم: الخط الغليظ، وقيل: هو تعجيم الكتاب» انتهى وفي (الصحاح): «الرقم: الكتابة والختم، قال تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ} وقولهم: هو يرقم الماء أي بلغ من حذقه بالأمور أن يرقم حيث لا يثبت الرقم، ورقم الثوب كتابه، وهو في الأصل (مصدر) يقال: رقمت الثوب ورقمته ترقيماً مثله - ثم قال -: والرقيم: الكتاب، وقوله تعالى: {أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ}[الكهف: ٩] يقال: هو لوح فيه أسماؤهم وقصصهم» انتهى المراد.