التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الانشقاق

صفحة 438 - الجزء 7

  كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ٦ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ٧ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ٨ وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا ٩ وَأَمَّا مَنْ


  (٤) {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ} {مَا فِيهَا} من الموتى والجبال تلقيهم من بطنها، ولعلها مع مدها تلقي كل ما في بطنها من الجثث وغيرها لشدة الزلزلة مع مدها، وقوله تعالى: {وَتَخَلَّتْ} يحتمل - وهو الراجح - أنها تتخلى من أهلها ومن الجبال، فتخرج أهلها إلى الجنة والنار، وتخرج الجبال إلى الهواء هباء منبثاً.

  (٥) {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} استسلمت لقضاء ربها ودمرت بعد تخليها، وهذا أرجح من جعل الكلمات بمعنى واحد في مقام الإيجاز البالغ؛ لأن قصار السور أبلغ في الإيجاز.

  (٦) {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} {كَادِحٌ} كادّ في مراحل عمرك مسافر فيها {إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا} تحقيق لكون الإنسان في كدّ وعناء في مراحل عمره مقبلاً إلى ربه {فَمُلَاقِيهِ} في نهاية هذا السفر ملاقي ربك ليسألك في موقف الحساب ويجزيك.

  (٧ - ٨) {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ۝ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} ظاهر الآية: أنه يؤتى كتابه بيمينه قبل أن يحاسب، وهو موافق لقوله تعالى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا ۝ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}⁣[الإسراء: ١٣ - ١٤] والحساب اليسير سليم من المناقشة والتوبيخ، واليسير ضد العسير، فهو حساب سهل على المؤمن.

  (٩) {وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} {وَيَنْقَلِبُ} من موضع الحساب {إِلَى أَهْلِهِ} في الجنة {مَسْرُورًا} لأنه استبشر بالسلامة ورضوان اللّه ودخول الجنة، فيصل إلى أهله وهو مسرور مبروك يا ولي الله.