التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الانشقاق

صفحة 441 - الجزء 7

  أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ ٢٣ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٢٤ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ٢٥


  والأقرب: أن القسم وجوابه ردّ لظنهم أن لن يحوروا، ولكنه التفات لتأكيد الوعيد، واستعمال الركوب هنا كاستعماله في ركوب الأهوال، ولأن أحوالهم يكونون عليها وينتقلون من حال إلى حال، فأشبه حالهم السفر، واستعير له الركوب الذي هو من خواص السفر، وعلى هذا فالأحوال أولها الموت، وآخرها موقف الحساب.

  (٢٠ - ٢١) {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ۝ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ}

  وفيه الآيات التي يؤمن لأجلها من أنصف، وفيه الوعيد الشديد المؤكد بالقسم، وذكر أهوال القيامة ما يبعث على النظر والحذر والسجود، خضوعاً لله وإيماناً كما يفعل الصالحون المذكورون في قوله تعالى: {إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا}⁣[الإسراء: ١٠٧].

  (٢٢) {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ} فلذلك لا تنفعهم الآيات والمواعظ لأنهم يكذبون بها كلها، وقد خذلوا لتمردهم.

  (٢٣) {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} بما يسرونه في قلوبهم، فهو مجازيهم على أعمالهم كلها؛ لأنه لا يخفى عليه شيء منها، حتى ما أضمروا في صدورهم من الكبر والحسد والعداوة والبغضاء لأهل الحق وسوء النيات ... وغير ذلك.

  (٢٤ - ٢٥) {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} لأنها قد بلغتهم الحجة وتمردوا، وفي ذكر التبشير تهكم بهم؛ لأنهم اختاروا التكذيب وأصروا عليه، كأن له فائدة وما فائدته إلا العذاب الأليم.